دون الله فإنك إذا من الظالمين يقول: من المشركين بالله، الظالم لنفسه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن يصبك الله يا محمد بشدة أو بلاء فلا كاشف لذلك إلا ربك الذي أصابك به دون ما يعبده هؤلاء المشركون من الآلهة والأنداد. وإن يردك بخير يقول: وإن يردك ربك برخاء أو نعمة وعافية وسرور، فلا راد لفضله يقول: فلا يقدر أحد أن يحول بينك وبين ذلك ولا يردك عنه ولا يحرمه لأنه الذي بيده السراء والضراء دون الآلهة والأوثان ودون ما سواه. يصيب به من يشاء يقول: يصيب ربك يا محمد بالرخاء والبلاء والسراء والضراء من يشاء ويريد من عباده، وهو الغفور لذنوب من تاب وأناب من عباده من كفره وشركه إلى الايمان به وطاعته، الرحيم بمن آمن به منهم وأطاعه أن يعذبه بعد التوبة والإنابة. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): قل يا محمد للناس يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم يعني: كتاب الله، فيه بيا كل ما بالناس إليه حاجة من أمر دينهم، فمن اهتدى يقول: فمن استقام فسلك سبيل الحق، وصدق بما جاء من عند الله من البيان.
فإنما يهتدي لنفسه يقول: فإنما يستقيم على الهدى، ويسلك قصد السبيل لنفسه، فإياها يبغي الخير بفعله ذلك لا غيرها. ومن ضل يقول: ومن اعوج عن الحق الذي أتاه من عند الله، وخالف دينه، وما بعث به محمدا والكتاب الذي أنزله عليه. فإنما يضل عليها يقول: فإن ضلاله ذلك إنما يجني به على نفسه لا على غيرها لأنه لا يؤخذ بذلك غيرها ولا يورد بضلاله ذلك المهالك سوى نفسه. ولا تزر وازرة وزر أخرى. وما أنا عليكم بوكيل يقول: وما أنا عليكم بمسلط على تقويمكم، إنما أمركم إلى الله، وهو الذي يقوم