لقد لمتنا يا أم غيلان في السرى * ونمت وما ليل المطي بنائم فأضاف النوم إلى الليل ووصفه به، ومعناه نفسه أنه لم يكن نائما فيه هو ولا بعيره.
يقول تعالى ذكره: فهذا الذي يفعل ذلك هو ربكم الذي خلقكم وما تعبدون، لا ما لا ينفع ولا يضر ولا يفعل شيئا وقوله: إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون يقول تعالى ذكره: إن في اختلاف حال الليل والنهار وحال أهلهما فيهما دلالة وحججا على أن الذي له العبادة خالصا بغير شريك، هو الذي خلق الليل والنهار وخالف بينهما، بأن جعل هذا للخلق سكنا وهذا لهم معاشا، دون من لا يخلق ولا يفعل شيئا ولا يضر ولا ينفع. وقال: لقوم يسمعون لان المراد منه: الذين يسمعون هذه الحجج ويتفكرون فيها فيعتبرون بها ويتعظون، ولم يرد به الذين يسمعون بآذانهم ثم يعرضون عن عبره وعظاته. القول في تأويل قوله تعالى:
* (قالوا اتخذ الله ولدا سبحانه هو الغني له ما في السماوات وما في الأرض إن عندكم من سلطان بهذا أتقولون على الله ما لا تعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: قال هؤلاء المشركون بالله من قومك يا محمد: اتخذ الله ولدا، وذلك قولهم: الملائكة بنات الله. يقول الله منزها نفسه عما قالوا وافتروا عليه من ذلك:
سبحان الله، تنزيها لله عما قالوا وادعوا على ربهم. هو الغني يقول: الله غني عن خلقه جميعا، فلا حاجة به إلى ولد، لان الولد إنما يطلبه من يطلبه ليكون عونا له في حياته وذكرا له بعد وفاته، والله عن كل ذلك غني، فلا حاجة به إلى معين يعينه على تدبيره ولا يبيد فيكون به حاجة إلى خلف بعده. له ما في السماوات وما في الأرض يقول تعالى ذكره:
لله ما في السماوات وما في الأرض ملكا والملائكة عباده وملكه، فكيف يكون عبد الرجل وملكه له ولدا؟ يقول: أفلا تعقلون أيها القوم خطأ ما تقولون؟ إن عندكم من سلطان بهذا يقول: ما عندكم أيها القوم بما تقولون وتدعون من أن الملائكة بنات الله من حجة تحتجون بها، وهي السلطان. أتقولون على الله قولا لا تعلمون حقيقته وصحته،