وأسلما، وأما أبو عامر فتنصر وأقام. قال: وبنى ناس من المنافقين مسجد الضرار لأبي عامر، قالوا: حتى يأتي أبو عامر يصلي فيه وتفريقا بين المؤمنين يفرقون بين جماعتهم لأنهم كانوا يصلون جميعا في مسجد قباء. وجاءوا يخدعون النبي (ص) فقالوا: يا رسول الله ربما جاء السيل يقطع بيننا وبين الوادي ويحول بيننا وبين القوم فنصلي في مسجدنا فإذا ذهب السيل صلينا معهم قال: وبنوه على النفاق. قال: وأنهار مسجدهم على عهد رسول الله (ص). قال: وألقى الناس عليه النتن والقمامة. فأنزل الله: والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين لئلا يصلي في مسجد قباء جميع المؤمنين، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل أبي عامر، وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا هارون، عن أبي جعفر، عن ليث: أن شقيقا لم يدرك الصلاة في مسجد بني عامر، فقيل له: مسجد بني فلان لم يصلوا بعد فقال:
لا أحب أصلي فيه فإنه بني على ضرار، وكل مسجد بني ضرارا أو رياء أو سمعة فإن أصله ينتهي إلى المسجد الذي بني على ضرار. القول في تأويل قوله تعالى: * (لا تقم فيه أبدا لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لا تقم يا محمد في المسجد الذي بناه هؤلاء المنافقون ضرارا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله. ثم أقسم جل ثناؤه فقال: لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم أنت فيه. يعني بقوله:
أسس على التقوى ابتدئ أساسه وأصله على تقوى الله وطاعته من أول يوم ابتدئ في بنائه أحق أن تقوم فيه يقول: أولى أن تقوم فيه مصليا. وقيل: معنى قوله: من أول يوم مبدأ أول يوم كما تقول العرب: لم أره من يوم كذا، بمعنى مبدؤه، ومن أول يوم يراد به من أول الأيام، كقول القائل: لقيت كل رجل، بمعنى كل الرجال.
واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه: لمسجد أسس على التقوى من أول يوم فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله (ص) الذي فيه منبره وقبره اليوم. ذكر من قال ذلك: