الطائفة النافرة وقد تساوتا في المعرفة بإنذار الله إياهما؟ ولو كانت إحداهما جائز أن توصف بإنذار الأخرى، لكان أحقهما بأن يوصف به الطائفة النافرة، لأنها قد عاينت من قدرة الله ونصرة المؤمنين على أهل الكفر به ما لم تعاين المقيمة، ولكن ذلك إن شاء الله كما قلنا من أنها تنذر من حيها وقبيلتها ومن لم يؤمن بالله إذا رجعت إليه أن ينزل به ما أنزل بمن عاينته ممن أظفر الله به المؤمنين من نظرائه من أهل الشرك. القول في تأويل قوله تعالى:
* (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين) *.
يقول تعالى ذكره للمؤمنين به وبرسوله: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله قاتلوا من وليكم من الكفار دون من بعد منهم، يقول لهم: ابدأوا بقتال الأقرب فالأقرب إليكم دارا دون الأبعد فالأبعد. وكان الذين يلون المخاطبين بهذه الآية يومئذ الروم، لأنهم كانوا سكان الشأم يومئذ، والشأم كانت أقرب إلى المدينة من العراق. فأما بعد أن فتح الله على المؤمنين البلاد، فإن الفرض على أهل كل ناحية قتال من وليهم من الأعداء دون الأبعد منهم ما لم يضطر إليهم أهل ناحية أخرى من نواحي بلاد الاسلام، فإن اضطروا إليهم لزم عونهم ونصرهم، لان المسلمين يد على من سواهم. ولصحة كون ذلك، تأول كل من تأول هذه الآية أن معناها إيجاب الفرض على أهل كل ناحية قتال من وليهم من الأعداء. ذكر الرواية بذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن شبيب بن غرقدة، عن عروة البارقي، عن رجل من بني تميم، قال: سألت ابن عمر عن قتال الديلم، قال: عليك بالروم.
حدثنا ابن بشار وأحمد بن إسحاق وسفيان بن وكيع، قالوا: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن يونس عن الحسن: قاتلوا الذين يلونكم من الكفار قال:
الديلم.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن الربيع، عن الحسن: أنه كان إذا سئل عن قتال الروم والديلم تلا هذه الآية: قاتلوا الذين يلونكم من الكفار.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا عمران أخي، قال: سألت