الدنيا يقول: ذلك بلاغ تبلغون به في عاجل دنياكم. وعلى هذا التأويل، البغي يكون مرفوعا بالعائد من ذكره في قوله: على أنفسكم ويكون قوله: متاع الحياة الدنيا مرفوعا على معنى: ذلك متاع الحياة الدنيا، كما قال: لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ بمعنى: هذا بلاغ، وقد يحتمل أن يكون معنى ذلك: إنما بغيكم في الحياة الدنيا على أنفسكم، لأنكم بكفركم تكسبونها غضب الله، متاع الحياة الدنيا، كأنه قال: إنما بغيكم متاع الحياة الدنيا، فيكون البغي مرفوعا بالمتاع، وعلى أنفسكم من صلة البغي. وبرفع المتاع قرأت القراء سوى عبد الله بن أبي إسحاق فإنه نصبه بمعنى: إنما بغيكم على أنفسكم متاعا في الحياة الدنيا، فجعل، البغي مرفوعا بقوله: على أنفسكم والمتاع منصوبا على الحال. وقوله: ثم إلينا مرجعكم يقول: ثم إلينا بعد ذلك معادكم ومصيركم، وذلك بعد الممات. فننبئكم بما كنتم تعملون يقول: فنخبركم يوم القيامة بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصي الله، ونجازيكم على أعمالكم التي سلفت منكم في الدنيا. القول في تأويل قوله تعالى:
* (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) *.
يقول تعالى ذكره: إنما مثل ما تباهون في الدنيا وتفاخرون به من زينتها وأموالها مع ما قد وكل بذلك من التكدير والتنغيص وزواله بالفناء والموت، كمثل ماء أنزلناه من السماء يقول: كمطر أرسلناه من السماء إلى الأرض، فاختلط به نبات الأرض يقول: فنبت بذلك المطر أنواع من النبات مختلط بعضها ببعض. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الخراساني، عن ابن عباس، قوله: إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض قال: اختلط فنبت بالماء كل لون مما يأكل الناس كالحنطة