يهدي من يشاء من خلقه للايمان بك يا محمد، ويأذن له في تصديقك فيصدقك ويتبعك، ويقر بما جئت به من عند ربك، ويجعل الرجس، وهو العذاب، وغضب الله على الذين لا يعقلون يعني الذين لا يعقلون عن الله حججه ومواعظه وآياته التي دل بها جل ثناؤه على نبوة محمد (ص) وحقيقة ما دعاهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان.
حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: ويجعل الرجس قال: السخط. القول في تأويل قوله تعالى: * (قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون) *.
يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك، السائليك الآيات على صحة ما تدعوهم إليه من توحيد الله وخلع الأنداد والأوثان: انظروا أيها القوم ماذا في السماوات من الآيات الدالة على حقيقة ما أدعوكم إليه من توحيد الله من شمسها وقمرها، واختلاف ليلها ونهارها، ونزول الغيث بأرزاق العباد من سحابها، وفي الأرض من جبالها وتصدعها بنباتها، وأقوات أهلها، وسائر صنوف عجائبها فإن في ذلك لكم إن عقلتم وتدبرتم موعظة ومعتبرا، ودلالة على أن ذلك من فعل من لا يجوز أن يكون له في ملكه شريك ولا له على تدبيره وحفظه ظهير يغنيكم عما سواه من الآيات. يقول الله جل ثناؤه: وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون يقول جل ثناؤه: وما تغنى الحجج والعبر والرسل المنذرة عباد الله عقابه عن قوم قد سبق لهم من الله الشقاء وقضى لهم في أم الكتاب أنهم من أهل النار لا يؤمنون بشئ من ذلك ولا يصدقون به.
ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فهل ينتظرون إلا مثل أيام الذين خلوا من قبلهم قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) محذرا مشركي قومه من حلول عاجل نقمة بساحتهم نحو الذي حل بنظرائهم من قبلهم من سائل الأمم الخالية من قبلهم السالكة في تكذيب رسل الله وجحود توحيد ربهم سبيلهم: فهل ينتظر يا محمد هؤلاء المشركون من قومك