معاني البيوت وإن كانت المساجد بيوتا، البيوت المسكونة إذا ذكرت باسمها المطلق دون المساجد لان المساجد لها اسم هي به معروفة خاص لها، وذلك المساجد. فأما البيوت المطلقة بغير وصلها بشئ ولا إضافتها إلى شئ، فالبيوت المسكونة، وكذلك القبلة الأغلب من استعمال الناس إياها في قبل المساجد وللصلوات. فإذا كان ذلك كذلك، وكان غير جائز توجيه معاني كلام الله إلا إلى الأغلب من وجوهها المستعمل بين أهل اللسان الذي نزل به دون الخفي المجهول ما لم تأت دلالة تدل على غير ذلك، ولم يكن على قوله: واجعلوا بيوتكم قبلة دلالة تقطع العذر بأن معناه غير الظاهر المستعمل في كلام العرب، لم يجز لنا توجيهه إلى غير الظاهر الذي وصفنا. وكذلك القول في قوله: قبلة وأقيموا الصلاة يقول تعالى ذكره: وأدوا الصلاة المفروضة بحدودها في أوقاتها. وقوله:
وبشر المؤمنين يقول جل ثناؤه لنبيه عليه الصلاة والسلام: وبشر مقيمي الصلاة المطيعي الله يا محمد المؤمنين بالثواب الجزيل منه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) *.
يقول تعالى ذكره: وقال موسى يا ربنا إنك أعطيت فرعون وكبراء قومه وأشرافهم، وهم الملا، زينة من متاع الدنيا وأثاثها، وأموالا من أعيان الذهب والفضة في الحياة الدنيا. ربنا ليضلوا عن سبيلك يقول موسى لربه: ربنا أعطيتهم ما أعطيتهم من ذلك ليضلوا عن سبيلك.
واختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: ليضلوا عن سبيلك بمعنى:
ليضلوا الناس عن سبيلك ويصدوهم عن دينك.
وقرأ ذلك آخرون: ليضلوا عن سبيلك بمعنى: ليضلوا هم عن سبيلك، فيجوروا عن طريق الهدى.
فإن قال قائل: أفكان الله جل ثناؤه أعطى فرعون وقومه ما أعطاهم من زينة الدنيا وأموالها ليضلوا الناس عن دينه، أو ليضلوا هم عنه؟ فإن كان لذلك أعطاهم ذلك، فقد كان منهم ما أعطاهم لأجله، فلا عتب عليهم في ذلك؟ قيل: إن معنى ذلك بخلاف ما توهمت.