10539 - حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فإن يكفر بها هؤلاء يعني أهل مكة، فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين وهم الأنبياء الثمانية عشر الذين قال الله: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة:
فإن يكفر بها هؤلاء قال: يعني: قوم محمد، ثم قال: فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين يعني: النبيين الذين قص قبل هذه الآية قصصهم، ثم قال: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده.
وأولى هذه الأقوال في تأويل ذلك بالصواب، قول من قال: عنى بقوله: فإن يكفر بها هؤلاء كفار قريش، فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين يعني به: الأنبياء الثمانية عشر الذين سماهم الله تعالى ذكره في الآيات قبل هذه الآية. وذلك أن الخبر في الآيات قبلها عنهم مضى وفي التي بعدها عنهم ذكر، ففيما بينهما بأن يكون خبرا عنهم أولى وأحق من أن يكون خبرا عن غيرهم.
فتأويل الكلام إذا كان ذلك كذلك: فإن يكفر قومك من قريش يا محمد بآياتنا، وكذبوا وجحدوا حقيقتها، فقد استحفظناها واسترعينا القيام بها رسلنا وأنبياءنا من قبلك الذين لا يجحدون حقيقتها ولا يكذبون بها، ولكنهم يصدقون بها ويؤمنون بصحتها. وقد قال بعضم: معنى قوله: فقد وكلنا بها قوما: رزقناها قوما. القول في تأويل قوله تعالى:
* (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين) *.
يقول تعالى ذكره: أولئك: هؤلاء القوم الذين وكلنا بآياتنا وليسوا بها بكافرين، هم الذين هداهم الله لدينه الحق، وحفظ ما وكلوا بحفظه من آيات كتابه والقيام بحدوده واتباع حلاله وحرامه والعمل بما فيه من أمر الله والانتهاء عما فيه من نهيه، فوفقهم جل ثناؤه لذلك. فبهداهم اقتده يقول تعالى ذكره: فبالعمل الذي عملوا والمنهاج الذي سلكوا وبالهدى الذي هديناهم والتوفيق الذي وفقناهم، اقتده يا محمد: أي فاعمل وخذ به واسلكه، فإنه عمل لله فيه رضا ومنهاج من سلكه اهتدى.