الشيطان قد وسوس إليه عن هذا الطريق " أي أنه سيخلد في الجنة أيضا ".
أجل.. إن الشياطين يبدؤون دائما في بادية خططهم من نفس النقاط والطرق التي يبدأ منها المرشدون إلى طريق الحق، لكن لا تمر الأيام حتى يجروهم إلى هاوية الانحراف، ويجعلون جاذبية طريق الحق وسيلة للوصول إلى المتاهات.
وأخيرا وقع المحذور، وأكل آدم وحواء من الشجرة الممنوعة، فتساقط عنهما لباس الجنة، فبدت أعضاؤهما: فأكلا منها فبدت لهما سوءاتهما (1) فلما رأى آدم وحواء ذلك استحييا وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة (2). نعم، لقد كانت العاقبة المؤسفة وعصى آدم ربه فغوى.
" غوى " أخذت من مادة الغي، أي العمل الصبياني الناشئ من اعتقاد خاطئ، ولما كان آدم هنا قد أكل - جهلا واشتباها - من الشجرة المحرمة، نتيجة للظن الذي حصل له من قول الشيطان، فقد عبر عن عمله ب (غوى).
وفسره بعض المفسرين بأنه الجهل الناشئ عن الغفلة، والبعض فسرها بالمحرومية، والبعض الآخر بالفساد في الحياة.
وعلى كل حال فإن " الغي " يقابل " الرشد "، والرشد هو أن يسلك الإنسان طريقا يوصله إلى هدفه ومقصده، أما الغي فهو عدم الوصول إلى المقصود.
ولكن لما كان آدم نقيا ومؤمنا في ذاته، وكان يسير في طريق رضي الله سبحانه، وكان لهذا الخطأ الذي أحاط به نتيجة وسوسة الشيطان صفة استثنائية، فإن الله سبحانه لم يبعده عن رحمته إلى الأبد، بل ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى.