قصة آدم وحواء، وعداء ومحاربة إبليس لهما. وربما كانت إشارة إلى أن الصراع بين الحق والباطل لا ينحصر بأمس واليوم، وموسى (عليه السلام) وفرعون، بل كان منذ بداية خلق آدم وسيستمر كذلك.
وبالرغم من أن قصة آدم وإبليس قد وردت مرارا في القرآن، إلا أنها تمتزج في كل مورد بملاحظات ومسائل جديدة، وهنا تتحدث أولا عن عهد الله إلى آدم فتقول: ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما.
هناك عدة آراء في ماهية العهد المذكور، فقال البعض: إنه أمر الله بعدم الإقتراب من الشجرة الممنوعة، وهناك روايات متعددة تؤيد هذا المعنى. في حين أن بعض المفسرين احتملوا إحتمالات أخرى يمكن اعتبارها بمثابة الأغصان والأوراق لهذا المعنى، كإخطار الله لآدم بأن الشيطان عدو مبين له، ويجب أن لا يتبعه.
وأما " النسيان " هنا فمن المسلم أنه ليس بالمعنى المطلق، لأنه لا معنى للعتاب والملامة في النسيان المطلق، بل إنه إما بمعنى الترك كما نستعمل ذلك في مكالماتنا اليومية، فقد نقول لمن لم يف بعهده: أنسيت عهدك؟ أي إنك كالناسي. أو أنه بمعنى النسيان الذي يطرأ نتيجة قلة الانتباه وشرود الذهن.
والمراد من " العزم " هنا هو التصميم والإرادة القوية الصلبة التي تحفظ الإنسان من الوقوع تحت تأثير وساوس الشيطان القوية.
وعلى كل حال، فلا شك أن آدم لم يرتكب معصية، بل بدر منه ترك الأولى، أو بتعبير آخر، فإن مرحلة وجود آدم في الجنة لم تكن مرحلة تكليف، بل كانت مرحلة تجريبية للاستعداد للحياة في هذه الدنيا وتقبل المسؤولية، خاصة وإن نهي الله هنا كان نهيا إرشاديا، لأنه قد أخبره بأنه إن أكل من الشجرة الممنوعة فسيبتلى بالشقاء. وقد أوردنا تفصيل كل ذلك، وكذلك المراد من الشجرة الممنوعة وأمثال ذلك في ذيل الآيات 19 - 22 من سورة الأعراف.