إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى.
وهنا سؤال يوجه للمفسرين، وهو: لماذا اقترن ذكر الظمأ بضحى الشمس، والجوع بالعري، في حين أن المعتاد ذكر العطش مع الجوع؟
قيل في الجواب: إن بين العطش وأشعة الشمس علاقة لا يمكن إنكارها.
(" تضحى " من مادة " ضحى " أي إشراق الشمس من دون أن يحجبها حاجب من سحاب وأمثاله).
وأما الجمع بين الجوع والعري فقد يكون بسبب أن الجوع نوع من عراء الجوف وخلوه من الغذاء! والأفضل أن يقال: إن هذين الوصفين - الجوع والعري - علامتان واضحتان للفقر تأتيان معا عادة.
وعلى كل حال، فقد أشير في هاتين الآيتين إلى أربع احتياجات أصلية وابتدائية للإنسان، أي: الحاجة إلى الغذاء، والماء، واللباس - للحماية من حرارة الشمس - والمسكن، وكان تأمين هذه الحاجات نتيجة توفر النعمة، وذكر هذه الأمور في الواقع توضيح لما جاء في جملة " فتشقى ".
لكن، ومع كل ذلك، فإن الشيطان قد ربط رباط العداوة حول آدم، ولهذا لم يهدأ له بال: فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى.
" الوسوسة " في الأصل تعني الصوت المنخفض جدا، ثم قيلت لخطور الأفكار السافلة والخواطر السيئة سواء كانت تنبع من داخل الإنسان، أو من خارجة.
إن الشيطان تتبع رغبة آدم وأنها في أي شئ، فوجد أن رغبته في الحياة الخالدة والوصول إلى القدرة الأزلية، ولذلك جاء إليه عن هذين العاملين واستغلهما في سبيل جره إلى مخالفة أمر الله. وبتعبير آخر: فكما أن الله قد وعد آدم بأنك إن تجنبت الشيطان وخالفته فستحظى بالتنعم في الجنة دائما، فإن