لتقف أمام هذا التصور الخاطئ، أي أن العجلة ليست صحيحة، لكن من الضروري الجد والسعي من أجل الارتواء من منهل العلم!
وقال بعض المفسرين: إن الجملة الأولى أمرت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا يعجل في فهم كل جوانب الآيات قبل تبيينها في الآيات الأخرى، وفي الجملة الثانية صدر الأمر بأن يطلب من الله سبحانه علما أكثر فيما يتعلق بأبعاد آيات القرآن المختلفة.
وعلى كل حال، فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مأمورا أن يطلب زيادة العلم من ربه إلى آخر عمره مع غزارة علمه، وروحه المليئة وعيا وعلما، فإن واجب الآخرين واضح جدا، وفي الحقيقة، فإن العلم من وجهة نظر الإسلام لا يعرف حدا، وزيادة الطلب في كثير من الأمور مذمومة إلا في طلب العلم فإنها ممدوحة، والإفراط قبيح في كل شئ إلا في طلب العلم.
فالعلم ليس له حد مكاني، فيجب الاجتهاد لتحصيله ولو كان في الصين أو الثريا، وليس له حد زماني فهو يستمر من المهد إلى اللحد.
ولا يعرف حدا من جهة المعلم، فإن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها، وإذا ما سقطت جوهرة من فم ملوث فاسق فإنه يلتقطها.
ولا حد في الإسلام لمقدار السعي والاجتهاد، فهو يغوص في أعماق البحر ليكتسب العلم، وقد يضحي بروحه في طريق تحصيل العلم. وعلى هذا فإن كلمة (خريج) أو (أنهى دراسته) لا معنى لها في منطق الإسلام، فإن المسلم الحقيقي لا يعرف نهاية في تحصيله للعلوم، فهو دائما طالب جامعي، وطالب علم، حتى لو أصبح أكثر الأساتذة تفوقا وأفضلهم.
الطريف أننا نقرأ في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال لأحد أصحابه:
" إن لنا في كل جمعة سرورا " قال: قلت: وما ذاك؟ قال: " إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) العرش، ووافى الأئمة (عليهم السلام) ووافينا معهم، فلا ترد أرواحنا بأبداننا