عن انقطاع جميع الأنساب يوم القيامة، وهذا ما تؤازره المبادئ القرآنية وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في معاملة المنحرفين التي تفيد أنه لا فرق بين الناس في هذا المجال.
لهذا نقرأ في حديث رواه ابن شهرآشوب في كتابه المناقب عن طاووس اليماني عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) أنه قال: " خلق الله الجنة لمن أطاع وأحسن ولو كان عبدا حبشيا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا " (1).
وما ذكر لا ينفي احترام السادة المتقين من آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، فهذا الاحترام في حقيقته احترام للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)، وما جاء في القرآن والحديث في فضلهم ومنزلتهم ناظر حسب الظاهر إلى هذا المعنى.
3 2 - حكاية الأصمعي المؤثرة:
ومن المناسب هنا ذكر حكاية نقلها " الغزالي " في كتابه " بحر المحبة " عن الأصمعي، تؤيد ما ذهبنا إليه وذات مسائل جديرة بالاهتمام.
يقول الأصمعي " كنت أطوف حول الكعبة في ليلة مقمرة، فسمعت صوتا حنونا لرجل يناجي ربه. بحثت عن صاحبه وإذا به شاب جميل رشيق القامة يبدو عليه الطيب. وقد تعلق بأستار الكعبة، وكان يقول في مناجاته:
يا سيدي ومولاي، نامت العيون وغابت النجوم، وأنت ملك حي قيوم، لا تأخذك سنة ولا نوم، غلقت الملوك أبوابها، وأقامت عليها حراسها وحجابها، وقد خلا كل حبيب بحبيبه، وبابك مفتوح للسائلين، فها أنا سائلك ببابك مذنب فقير، خاطئ مسكين، جئتك أرجو رحمتك يا رحيم، وأن تنظر إلي بلطفك يا كريم!
ثم أنشد: