ألم ارسل إليكم آيات وأدلة واضحة بواسطة رسلي! ألم أتم حجتي عليكم!
ومع كل هذا واصلتم تكذيبكم وإنكاركم.
وبملاحظة كون فعلي " تتلى " و " تكذبون " مضارعان وهما دليل على الاستمرار، فإنه يتضح لنا استمرار تلاوة الآيات الإلهية عليهم، وكذلك هم يواصلون التكذيب!
وهم يعترفون في ردهم قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين.
" الشقوة " و " الشقاوة " نقيض السعادة، وتعني توفر وسائل العقاب والبلاء. أو بتعبير آخر: هي الشر والبلاء الذي يصيب الإنسان، بينما تعني السعادة توفر ظروف النعمة والطيب.
والشقاوة والسعادة ليستا إلا نتيجة لأعمالنا وأقوالنا ومقاصدنا، والاعتقاد بأن السعادة أو الشقاوة ذاتية للإنسان منذ الولادة، ما هو إلا تصور يذكر لتسويغ الفرار من عب ء المسؤولية والاعتذار من الأعمال المخالفة للحق، أو هو تفسير لأعمال الجهل.
ولهذا نرى المذنبين أهل النار يعترفون بصراحة أن الله أتم عليهم الحجة، وأنهم كانوا السبب في تعاسة أنفسهم، لأنهم قوم ضالون.
ولعلهم في اعترافهم هذا يودون نيل رضي الله ورحمته، لهذا يضيفون مباشرة ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون يقولون ذلك وكأنهم لا يعلمون أن القيامة دار جزاء، وليست دار عمل، وأن العودة إلى الدنيا أمر محال.
لهذا يردهم الله سبحانه وتعالى بقوة قال اخسؤا فيها ولا تكلمون وعبارة " اخسؤا " التي هي فعل أمر، تستعمل لطرد الكلاب، فمتى ما استخدمت للإنسان فإنها تعني تحقيره ومعاقبته.
ثم يبين الله عز وجل دليل ذلك بقوله: هل نسيتم: إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين. ولكنكم كنتم تستهزؤون