" النفخ في الصور " يعني النفخ في البوق، إلا أن هذه العبارة لها مفهوم خاص سنبينه إن شاء الله في شرح الآية 68 من سورة الزمر.
وعلى كل حال، فإن الآية السابقة أشارت إلى ظاهرتين من ظواهر يوم القيامة:
أولاهما: انتهاء مسألة النسب، لأن رابطة الأسرة والقبيلة التي تسود حياة الناس في هذا العالم تؤدي في كثير من الحالات إلى نجاة المذنبين من العقاب، إذ يستنجدون بأقربائهم في حل مشاكلهم. أما الوضع يوم القيامة فيختلف، حيث كل إنسان وعمله، فلا معين له، ولا نفع في ولده، أو أخيه، أو والده.
وثانيتهما: سيطرة الخوف على الجميع، فلا يسأل أحد عن حال غيره بسبب الخوف الشديد من العقاب الإلهي، هو يوم كما اطلعنا عليه في مطلع سورة الحج:
يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد كما يحتمل أن تقصد عبارة ولا يتساءلون عدم طلب أحدهم العون من الآخر، لأنهم جميعا يعرفون عدم جدوى ذلك.
وقال بعض المفسرين: إن المراد من هذه العبارة هي عدم السؤال عن الأنساب فهي تأكيد لقوله تعالى: فلا أنساب بينهم.
ويبدو التفسير الأول أوضح من غيره، رغم عدم التناقض فيما بينها، ويمكن أن تشير العبارة السابقة إلى هذه المعاني كلها.
ورأى مفسرون آخرون أنه يستفاد من عدة آيات تساؤل الناس يوم القيامة، كما جاء في الآية (27) من سورة الصافات، حيث تساءل المذنبون لدى مواجهة النار وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. كما تحدثت هذه السورة في الآية الخمسين عن أهل الجنة ساعة استقرارهم في الجنة متقابلين، فقالت: فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون إنهم تساءلوا عن رفاق لهم في الحياة الدنيا انحرفوا