الأحاديث فإن القصد من ذلك عقل رجلي الناقة الأماميتين معا حين وقوفها من أجل منعها من الحركة الواسعة حين النحر. وطبيعي أن أرجل الناقة تضعف حين تنزف مقدارا من الدم، فتتمدد على الأرض، ويقول القرآن المجيد هنا فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر أي عندما تستقر ويهدأ جانبها (كناية عن لفظ الأنفاس الأخيرة). فكلوا منها وأطعموا الفقير القانع والسائل المعتر.
الفرق بين " القانع " و " المعتر " هو أن القانع يطلق على من يقنع بما يعطى وتبدو عليه علائم الرضي والارتياح ولا يعترض أو يغضب، أما المعتر فهو الفقير السائل الذي يطالبك بالمعونة ولا يقنع بما تعطيه، بل يحتج أيضا.
كلمة " القانع " فمشتقة من " القناعة "، و " المعتر " مشتقة من " عر " على وزن (شر) وهي في الأصل تعني الجرب، وهو مرض عارض تظهر علاماته على جلد الإنسان. ثم أطلقت كلمة " المعتر " على السائل الذي يطلب العون ولكن بلسان معترض. وتقديم القانع على المعتر إشارة إلى ضرورة الاهتمام أكثر بالمحرومين المتصفين بالعفة وعزة النفس.
وينبغي الالتفات إلى أن عبارة كلوا منها توجب أن يأكل الحجاج من أضاحيهم، ولعلها ترمي إلى مراعاة المساواة بين الحجاج والفقراء.
وتنتهي الآية بالقول: كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون. وإنه لمن العجب أن يستسلم حيوان عظيم الجثة هائل القوة لطفل يعقل يديه معا ثم ينحره.
(وطريقة النحر تتم بطعنة سكين حادة في لبة الناقة، لتنزف دمها، وليلفظ هذا الحيوان أنفاسه بسرعة).
ولإيضاح أهمية تسلط الإنسان على الحيوان في الذبح، فإن الله جل وعلا يسلب أحيانا طاعة هذا الحيوان وانقياده للإنسان، حيث نشاهد هياج البعير وتبدله إلى موجود خطر لا يستطيع كبح جماحة عدة رجال أقوياء بعد ما كان