يقول الراغب الأصفهاني في مفرداته: " النسك " يعني العبادة، والناسك هو العابد، ومناسك الحج تعني المواقف التي تؤدى فيها هذه العبادة، أو إنها عبارة عن الأعمال نفسها.
إلا أن العلامة الطبرسي يقول في " مجمع البيان " وأبو الفتوح الرازي في " روح الجنان ": " المنسك " (على وزن منصب) يمكن أن يعني - على وجه التخصيص - الأضحية، بين عبادات الحج الأخرى (1).
ولهذا خص المنسك - رغم مفهومه العام وشموله أنواع العبادات في مراسم الحج - هنا بتقديم الأضحية بدلالة ليذكروا اسم الله.
وعلى كل حال فإن مسألة الأضحية كانت دوما مثار سؤال، لإمتزاج التعبد بها بخرافات المشركين الذين يتقربون بها إلى أوثانهم على نهج خاص بهم.
ذبح حيوان باسم الله ولكسب رضاه يبين استعداد الإنسان للتضحية بنفسه في سبيل الله، والاستفادة من لحم الأضحية وتوزيعه على الفقراء أمر منطقي.
ولذا يذكر القرآن في نهاية هذه الآية فإلهكم إله واحد وبما أنه إله واحد فله أسلموا وبشر الذين يتواضعون لأحكامه الربانية وبشر المخبتين (2).
ثم يوضح القرآن المجيد في الآية التالية صفات المخبتين (المتواضعين) وهي أربع: اثنتان منها ذات طابع معنوي، واثنتان ذات طابع جسماني.
يقول في الأول: الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم لا يخافون في غضبه دون سبب ولا يشكون في رحمته، بل إن خوفهم ناتج عن عظمة المسؤوليات التي بذمتهم، واحتمال تقصيرهم في أدائها، وليقينهم بجلال الله سبحانه يقفون بين