عظمة الحق وأحقية موسى. في حين أن البعض اعتبره إشارة إلى سائر المعجزات والدلائل التي كانت بيد موسى وهارون (عليهما السلام).
غير أن هذه التفاسير لا منافاة بينها مطلقا، لأن من الممكن أن يكون الفرقان إشارة إلى التوراة، وإلى سائر معجزات ودلائل موسى (عليه السلام).
وقد أطلق الفرقان في سائر الآيات على نفس القرآن أيضا، مثل: تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا (1) وأحيانا يعبر عن الانتصار الإعجازي الذي ناله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما قال في شأن معركة بدر: يوم الفرقان (2) أما كلمة " الضياء " فتعني النور الذي ينبع من ذات الشئ، ومن المسلم أن القرآن والتوراة ومعجزات الأنبياء كانت كذلك (3).
" الذكر " هو كل موضوع يبعد الإنسان عن الغفلة، وهذا أيضا من آثار الكتب السماوية والمعجزات الإلهية الواضحة.
إن ذكر هذه التعابير الثلاثة متعاقبة ربما كان إشارة إلى أن الإنسان من أجل أن يصل إلى هدفه يحتاج أولا إلى الفرقان، أي أن يشخص الطريق الأصلي عند مفترق الطرق، فإذا شخص طريقه يحتاج إلى ضياء ونور ليتحرك في ذلك الطريق ويستمر فيه، وقد تعترضه موانع أهمها الغفلة، فيحتاج إلى ما يذكره ويحذره دائما.
ومما ينبغي الالتفات إليه ورود لفظ " الفرقان " معرفة، وورود كلمتي [ضياء وذكرا] نكرتين في الآية محل البحث، وعد أثرهما خاصا بالمتقين، ولعل هذا التفاوت إشارة إلى أن المعجزات والخطابات السماوية تضئ الطريق للجميع، إلا أن من ينتفع من الضياء والذكر ليس جميع الناس، بل الذين يحسون بالمسؤولية،