فالحرب مع أعداء الحق بمثابة الشراب العذب للعطشان، ولا شك في أن حساب هؤلاء يختلف عن سائر الناس وخاصة في بداية الإسلام.
ثم تشير هذه الآية الكريمة إلى مبدأ أساس حاكم في القوانين التكوينية والتشريعية الإلهية وتقول: وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
وعلى العكس من تجنب الحرب وطلب العافية وهو الأمر المحبوب لكم ظاهرا، إلا أنه وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم.
ثم تضيف الآية وفي الختام والله يعلم وأنتم لا تعلمون فهنا يؤكد الخالق جل وعلا بشكل حاسم أنه لا ينبغي لأفراد البشر أن يحكموا أذواقهم ومعارفهم في الأمور المتعلقة بمصيرهم، لأن علمهم محدود من كل جانب ومعلوماتهم بالنسبة إلى مجهولاتهم كقطرة في مقابل البحر، وكما أن الناس لم يدركوا شيئا من أسرار الخلقة في القوانين التكوينية الإلهية، فتارة يهملون شيئا ولا يعيرونه اهتماما في حين أن أهميته وفوائده في تقدم العلوم كبيرة، وهكذا بالنسبة إلى القوانين التشريعية فالإنسان لا يعلم بكثير من المصالح والمفاسد فيها، وقد يكره شيئا في حين أن سعادته تكون فيه، أو أنه يفرح لشئ ويطلبه في حين أنه يستبطن شقاوته.
فهؤلاء الناس لا يحق لهم مع الالتفات إلى علمهم المحدود أن يتعرضوا على علم الله اللامحدود ويعترضوا على أحكامه الإلهية، بل يجب أن يعلموا يقينا أن الله الرحمن الرحيم حينما يشرع لهم الجهاد والزكاة والصوم والحج فكل ذلك لما فيه خيرهم وصلاحهم.
ثم أن هذه الحقيقة تعمق في الإنسان روح الانضباط والتسليم أمام القوانين الإلهية وتؤدي إلى توسعة آفاق إدراكه إلى أبعد من دائرة محيطه المحدود وتربطه