وتربية للمؤمنين ولتمييز المؤمن الحقيقي عن المتظاهر بالإيمان.
وعبارة الذين خلوا من قبلكم تقول للمسلمين: أنكم لستم الوحيدين في هذا الطريق الذين ابتليتم بالمصائب من قبل الأعداء، بل أن الأقوام السالفة ابتلوا أيضا بهذه الشدائد والمصائب إلى درجة أنهم مستهم البأساء والضراء حتى استغاثوا منها.
وأساسا فإن رمز التكامل للبشرية أن يحاط الأفراد والمجتمعات في دائرة البلاء والشدائد حتى يكونوا كالفولاذ الخالص وتتفتح قابلياتهم الداخلية وملكاتهم النفسانية ويشتد إيمانهم بالله تعالى، ويتميز كذلك المؤمنون والصابرون عن الأشخاص الانتهازيين، ونختتم هذا الكلام بالحديث النبوي الشريف: يقول (الخباب ابن الأرت) الذي كان من المجاهدين في صدر الإسلام: قال قلنا يا رسول الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه، ثم قال: والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه وكلكم يستعجلون " (1).
* * *