متى نصر الله؟!، وواضح أن هذا التعبير ليس اعتراضا على المشيئة الإلهية، بل هو نوع من الطلب والدعاء.
فتقول الآية أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء....
وبما أنهم كانوا في غاية الاستقامة والصبر مقابل تلك الحوادث والمصائب، وكانوا في غاية التوكل وتفويض الأمر إلى اللطف الإلهي، فلذلك تعقب الآية ألا أن نصر الله قريب.
(بأساء) من مادة (بأس) وكما يقول صاحب معجم مقاييس اللغة أنها في الأصل تعني الشدة وأمثالها، وتطلق على كل نوع من العذاب والمشقة، ويطلق على الأشخاص الشجعان الذين يخوضون الحرب بضراوة وشدة (بأيس) أو (ذو البأس).
وكلمة (ضراء) كما يقول الراغب في مفرداته هي النقطة المقابلة للسراء، وهي ما يسر الإنسان ويجلب له النفع، فعلى هذا الأساس تعني كلمة ضراء كل ضرر يصيب الإنسان، سواء في المال أو العرض أو النفس وأمثال ذلك.
جملة متى نصر الله قيلت من قبل النبي والمؤمنين حينما كانوا في منتهى الشدة والمحنة، وواضح أن هذا التعبير ليس اعتراضا على المشيئة الإلهية، بل هو نوع من الطلب والدعاء، ولذلك تبعته البشارة بالإمداد الإلهي.
وما ذكره بعض المفسرين من احتمال أن تكون جملة (متى نصر الله) قيلت من طرف جماعة من المؤمنين، وجملة (ألا إن نصر الله قريب) قيلت من قبل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعيد جدا.
وعلى أية حال، فإن الآية أعلاه تحكي أحد السنن الإلهية في الأقوام البشرية جميعا، وتنذر المؤمنين في جميع الأزمنة والأعصار أنهم ينبغي عليهم لنيل النصر والتوفيق والمواهب الأخروية أن يتقبلوا الصعوبات والمشاكل ويبذلوا التضحيات في هذا السبيل، وفي الحقيقة إن هذه المشاكل والصعوبات ما هي إلا امتحان