وقد روى ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال اطلع إليهم (أي أرواح شهداء أحد وهي في الجنة) ربهم اطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ قالوا: أي شئ نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا. ففعل ذلك بهم ثلاث مرات، فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أين يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فقال تعالى: قد سبق مني أنهم لا يرجعون قالوا: فتقرئ نبينا السلام وتبلغهم ما نحن فيه من كرامة فلا يحزنوا " فنزلت هذه الآيات " (1).
وعلى كل حال فإن الذي يبدو للنظر هو أن بعض ضعاف الإيمان كانوا - في مجالسهم وندواتهم بعد حادثة أحد - يظهرون الأسف على شهداء أحد، وكيف أنهم ماتوا وفنوا، وخاصة عندما كانت تتجدد عليهم النعمة فيتأسفون لغياب أولئك القتلى في تلك المواقع، وكانوا يحدثون أنفسهم قائلين كيف ننعم بهذه النعم والمواهب وإخواننا وأبناءنا رهن القبور لا يصيبهم ما أصابنا من الخير، ولا يمكنهم أن يحظوا بما حظينا به من النعيم؟؟.
وقد كانت هذه الكلمات - مضافا إلى بطلانها ومخالفتها للواقع - تسبب إضعاف الروح المعنوية لدى ذوي الشهداء.
فجاءت الآيات الحاضرة لتفند كل هذه التصورات، وتذكر بمكانة الشهداء السامية، ومقامهم الرفيع وتقول: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا.
والخطاب - هنا - متوجه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة حتى يحسب الآخرون حسابهم.
ثم يقول سبحانه معقبا على العبارة السابقة بل أحياء عند ربهم يرزقون.
والمقصود من الحياة في الآية هي " الحياة البرزخية " في عالم ما بعد الموت، لا الحياة الجسمانية والمادية، وإن لم تختص الحياة البرزخية بالشهداء فللكثير