إن في هذا البيت معالم واضحة وعلائم ساطعة لعبادة الله وتوحيده، وفي تلك النقطة المباركة من الآثار المعنوية ما يبهر العيون ويأخذ بمجامع القلوب. وإن بقاء هذه الآثار والمعالم رغم كيد الكائدين وإفساد المفسدين الذين كانوا يسعون إلى إزالتها ومحوها لمن تلك الآيات التي يتحدث عنها القرآن في هذا الكلام العلوي.
فها هي آثار جليلة من إبراهيم (عليه السلام) لا تزال باقية عند هذا البيت مثل: زمزم والصفا والمروة، والركن (1)، والحطيم (2)، والحجر الأسود، وحجر إسماعيل (3) الذي يعتبر كل واحد منها تجسيدا حيا لتاريخ طويل، وذكريات عظيمة خالدة.
ولقد خص " مقام إبراهيم " بالذكر من بين كل هذه الآثار والآيات لأنه المحل الذي كان قد وقف فيه الخليل (عليه السلام) لبناء الكعبة، أو لإتيان مناسك الحج، أو لإطلاق الدعوة العامة التي وجهها إلى البشرية كافة، والأذان بهم ليحجوا هذا البيت، ويلتقوا في هذا الملتقى العبادي التوحيدي العظيم.
وعلى كل حال فإن هذا المقام لمن أهم الآيات التي مر ذكرها، وأنها لمن أوضح الدلائل وأقوى البراهين على ما شهدته هذه النقطة من العالم من التضحيات والذكريات، والاجتماعات والحوادث، البالغة الأهمية.
يبقى أن نعرف أن ثمة خلافا بين المفسرين في أن المراد بمقام إبراهيم هل هو خصوص النقطة التي توجد فيها الصخرة التي لا تزال تحمل أثر قدمه الشريف، أو أنه الحرم المكي، أو أنة جميع المواقف التي ترتبط بمناسك الحج، ولكن في الرواية