المسجد، فأبوا فأرغبهم، فامتنعوا فضاق بذلك، فأتى أبا عبد الله (الصادق) (عليه السلام) فقال له: إني سألت هؤلاء شيئا من منازلهم، وأفنيتهم لنزيد في المسجد، وقد منعوني ذلك فقد غمني غما شديدا، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أيغمك ذلك وحجتك عليهم فيه ظاهرة؟ فقال: وبما أحتج عليهم؟ فقال: بكتاب الله، فقال: في أي موضع؟ فقال:
قول الله عز وجل: إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة قد أخبرك الله أن أول بيت وضع للناس هو الذي ببكة، فإن كانوا هم تولوا قبل البيت فلهم أفنيتهم، وإن كان البيت قبلهم فله فناؤه، فدعاهم أبو جعفر (المنصور) فاحتج عليهم بهذا فقالوا له أصنع ما أحببت.
وقد جاء في ذلك التفسير أيضا أن المهدي (العباسي) لما بنى في المسجد الحرام بقيت دار احتج إليها في تربيع المسجد، فطلبها من أربابها فامتنعوا فسأل عن ذلك الفقهاء فكل قال له: إنه لا ينبغي أن يدخل شيئا في المسجد الحرام غصبا، فقال له علي بن يقطين: يا أمير المؤمنين لو أنك كتبت إلى موسى بن جعفر (عليه السلام) لأخبرك بوجه الأمر في ذلك، فكتب إلى والي المدينة أن يسئل موسى بن جعفر (عليه السلام) عن دار أردنا أن ندخلها في المسجد الحرام فامتنع علينا صاحبها فكيف المخرج من ذلك؟ فقال: ذلك لأبي الحسن (عليه السلام): فقال أبو الحسن (عليه السلام): ولابد من الجواب في هذا؟ فقال له: الأمر لابد منه، فقال له: اكتب " بسم الله الرحمن الرحيم إن كانت الكعبة هي النازلة بالناس فالناس أولى بفنائها، وإن كان الناس هم النازلون بفناء الكعبة فالكعبة أولى بفنائها " فلما أتى الكتاب إلى المهدي أخذ الكتاب فقبله (لفرحه الشديد)، ثم أمر بهدم الدار فأتى أهل الدار أبا الحسن (عليه السلام) فسألوه أن يكتب لهم إلى المهدي كتابا في ثمن دورهم فكتب إليه أن ارضخ لهم شيئا فأرضاهم.