السلطة، يتميزون بالبراءة ويدعون الناس إلى الحق والعدالة والحرية والإيمان.
ولكنهم ما أن صعدوا عروش السلطة والهيمنة على المجتمع غيروا سيرتهم شيئا فشيئا وانحازوا إلى فكرة عبادة الشخصية ودعوا الناس إلى عبادتهم.
في الواقع، أن من أساليب تمييز " دعاة الحق " عن " دعاة الباطل " هو هذا.
فدعاة الحق - وعلى رأسهم الأنبياء والأئمة - كانوا وهم في قمة السلطة، كما كانوا قبل أن تكون لهم أية سلطة، يدعون إلى الأهداف الدينية المقدسة والإنسانية والتوحيد والحرية. أما دعاة الباطل، فإن أول ما يبادرون إليه عند وصولهم السلطة هو الدعوة لأنفسهم وحث الناس على نوع من عبادتهم، نتيجة تملق الناس الضعفاء المحيطين بهم، وكذلك نتيجة ضيق أفقهم وغرورهم.
هناك حديث عن الإمام علي (عليه السلام) تظهر من خلاله شخصيته الكبيرة الفذة، ويعتبر دليلا وشاهدا على هذا البحث.
عند وصول الإمام (عليه السلام) إلى أرض الأنبار - إحدى مدن العراق الحدودية - خر جمع من الدهاقين ساجدين أمامه، بحسب التقاليد التي اعتادوا عليها، فغضب الإمام من فعلتهم هذه وصرخ فيهم:
" ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا: خلق منا نعظم به أمراءنا. فقال: والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم، وأنكم لتشقون على أنفسكم في دنياكم وتشقون به في آخرتكم، وما أخسر المشقة وراءها العقاب، وأربح الدعة معها الأمان من النار ".
* * *