الأولى كانت لبيان الاصطفاء المطلق، وفي الثانية إشارة إلى أفضليتها على سائر نساء العالم المعاصرة لها.
هذا يعني أن مريم كانت أعظم نساء زمانها، وهو لا يتعارض مع كون سيدة الإسلام فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيدة نساء العالمين، فقد جاء في أحاديث متعددة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والإمام الصادق (عليه السلام) قولهما:
" أما مريم فكانت سيدة نساء زمانها. أما فاطمة فهي سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين " (1).
كما أن كلمة " العالمين " لا تتعارض مع هذا الكلام أيضا، فقد وردت هذه الكلمة في القرآن وفي الكلام العام بمعنى الناس الذين يعيشون في عصر واحد، كما جاء بشأن بني إسرائيل واني فضلتكم على العالمين (2). فلا شك أن تفضيل مؤمني بني إسرائيل كان على أهل زمانهم.
ش يا مريم اقنتي لربك.
هذه الآية تكملة لكلام الملائكة مع مريم. فبعد أن بشرها بأن الله قد اصطفاها، قالوا لها: الآن اشكري الله بالركوع والسجود والخضوع له اعترافا بهذه النعمة العظمى.
نلاحظ هنا أن الملائكة يصدرون إلى مريم ثلاثة أوامر:
الأول: القنوت أمام الله. والكلمة - كما سبق أن قلنا - تعني الخضوع ودوام الطاعة.
الثاني: السجود، الذي هو أيضا دليل الخضوع الكامل أمام الله.