بناءا على ذلك، فإن المذنبين - كما تقول الآية - يتمنون أن يمتد الفاصل الزماني بينهم وبين ذنوبهم طويلا، وهو تعبير عن ذروة ما يشعرون به من تعاسة جراء أعمالهم السيئة، لأن طلب البعد الزماني أبلغ في التعبير عن هذا الاستياء من طلب البعد المكاني، فاحتمال الحضور موجود في الفاصل المكاني، بينما ينتفي هذا الاحتمال تماما في الفاصل الزماني.
فإذا عاش أحد - مثلا - في فترة الحرب العالمية، شمله القلق والاضطراب وإن ابتعد مكانيا عن منطقة الحرب، لكن الشخص الذي يعيش في فترة زمنية بعيدة عن الحرب لا يشعر بذلك القلق.
هذا مع أن بعض المفسرين احتملوا أن يكون للفظة " الأمد " معنى البعد المكاني أيضا (كما ورد في مجمع البيان نقلا عن بعض المفسرين)، غير أن هذا لم يرد في اللغة على الظاهر.
ش ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد.
في الجزء الأول من هذه العبارة يحذر الله الناس من عصيان أوامره، وفي الجزء الثاني يذكرهم برأفته. ويبدو أن هذين الجزءين هما - على عادة القرآن - مزيج من الوعد والوعيد. ومن المحتمل أن يكون الجزء الثاني والله رؤوف بالعباد توكيدا للجزء الأول ويحذركم الله نفسه، وهذا أشبه بمن يقول لك:
إني أحذرك من هذا العمل الخطر، وإن تحذيري إياك دليل على رأفتي بك، إذ لولا حبي لك لما حذرتك.
3 القرآن وتجسيد الأعمال وحضورها هذه الآية تبين بكل وضوح تجسد الأعمال وحضورها يوم القيامة. كلمة