الحياة. فنحن نعلم أنه في اليوم الذي استعدت فيه الأرض لاستقبال الحياة، ظهرت كائنات حية من كائنات عديمة الحياة. أضف إلى ذلك أن مواد لا حياة فيها تصبح باستمرار أجزاء من خلايانا الحية وخلايا جميع الكائنات الحية في العالم، وتتبدل إلى مواد حية.
أما خروج " الميت " من " الحي " فهو دائم الحدوث أمام أنظارنا.
إن الآية - في الواقع - إشارة إلى قانون التبادل الدائم بين الحياة والموت، وهو أعم القوانين التي تحكمنا وأعقدها، كما أنه أروعها في الوقت نفسه.
لهذه الآية تفسير آخر أيضا - لا يتعارض مع التفسير السابق - وهو مسألة الحياة والموت المعنويين. فنحن كثيرا ما نرى أن بعض المؤمنين - وهم الاحياء الحقيقيون - يخرجون من بعض الكافرين - وهم الأموات الحقيقيون -. وقد يحدث العكس، حين يخرج الكفار من المؤمن.
إن القرآن يعبر عن الحياة والموت المعنويين بالإيمان والكفر في كثير من آياته.
وبموجب هذا التفسير يكون القرآن قد ألغى قانون الوراثة الذي يعتبره بعض العلماء من قوانين الطبيعة الثابتة. فالإنسان يتميز بحرية الإرادة وليس مثل الكائنات غير الحية في الطبيعة التي تقع تحت تأثير مختلف العوامل وقوعا إجباريا. وهذا بذاته مظهر من مظاهر قدرة الله التي تغسل آثار الكفر في نفوس أبناء الكافرين - أولئك الذين يريدون حقا أن يكونوا مؤمنين - ويغسل آثار الإيمان من أبناء المؤمنين - الذين يريدون حقا أن يكونوا كافرين -. وهذا الاستقلال في الإرادة، القادر على الانتصار، حتى في ظروف غير مؤاتية، من مظاهر قدرة الله أيضا.
هذا المعنى يرد في حديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما جاء في تفسير " الدر