يقول تعالى في المثال الأول: فمثله كمثل صفوان عليه تراب....
تصور قطعة حجر صلد تغطيه طبقه خفيفة من التراب، وقد وضعت في هذا التراب بذور سليمة، ثم عرض الجميع للهواء الطلق وأشعة الشمس، فإذا سقط المطر المبارك على هذا التراب لا يفعل شيئا سوى اكتساح التراب والبذور وبعثرتها، ليظهر سطح الحجر بخشونته وصلابته التي لا تنفذ فيها الجذور، وهذا ليس لأن أشعة الشمس والهواء الطلق والمطر كان لها تأثير سئ، بل لأن البذر لم يزرع في المكان المناسب، ظاهر حسن وباطن خشن لا يسمح بالنفوذ إليه. قشرة خارجية من التربة لا تعين على نمو النبات الذي يتطلب الوصول إلى الأعماق لتتغذى الجذور.
ويشبه القرآن الإنفاق الذي يصاحبه الرياء والمنة والأذى بتلك الطبقة الخفيفة من التربة التي تغطي الصخرة الصلدة والتي لا نفع فيها، بل أنها بمظهرها تخدع الزارع وتذهب بأتعابه أدراج الرياح. هذا هو المثل الذي ضربه القرآن في الآية الأولى للإنفاق المرائي الذي يتبعه المن والأذى (1).
وفي نهاية الآية يقول تعالى: والله لا يهدي القوم الكافرين وهو إشارة إلى أن الله تعالى سوف يسلبهم التوفيق والهداية، لأنهم أقدموا على الرياء والمنة والأذى باقدامهم، واختاروا طريق الكفر باختيارهم، ومثل هذا الشخص لا يليق بالهداية، وبذلك وضع القرآن الكريم الإنفاق مع الرياء والمنة والأذى في عرض واحد.