(رغم أن مفرده الفحشاء تعني عادة الأعمال المنافية للعفة ولكننا نعلم أن هذا المعنى لا يناسب السياق).
حتى أن بعض المفسرين صرح بأن العرب يسمون الشخص البخيل (فاحش) (1).
ويحتمل أيضا أن الفحشاء هنا بمعنى اختيار الأموال الرديئة وغير القابلة للمصرف والتصدق بها، وقيل أيضا: أن المراد بها كل معصية، لأن الشيطان يحمل الإنسان من خلال تخويفه من الفقر على إكتساب الأموال من الطرق غير المشروعة.
والتعبير عن وسوسة الشيطان بالأمر ويأمركم إشارة لنفس الوسوسة أيضا، وأساسا فكل فكرة سلبية وضيقة ومانعة للخير فإن مصدرها هو التسليم مقابل وساوس الشيطان، وفي المقابل فإن كل فكرة إيجابية وبناءة وذات بعد عقلي فإن مصدرها هو الإلهامات الإلهية والفطرة السليمة.
ولتوضيح هذا المعنى ينبغي أن نقول: إن النظرة الأولى إلى الإنفاق وبذل المال توحي أنه يؤدي إلى نقص المال، وهذه هي النظرة الشيطانية الضيقة، ولكننا بتدقيق النظر ندرك أن الإنفاق هو ضمان بقاء المجتمع، وتحكيم العدل الاجتماعي، وتقليل الفواصل الطبقية، والتقدم العام.
وبديهي أن تقدم المجتمع يعني أن الأفراد الذين يعيشون فيه يكونون في رخاء ورفاه، وهذه هي النظرة الواقعية الإلهية.
يريد القرآن بهذا أن يعلم الناس أن الإنفاق وإن بدأ في الظاهر أنه أخذ، ولكنه في الواقع عطاء لرؤوس أموالهم ماديا ومعنويا.
في عالمنا اليوم حيث نشاهد نتائج الاختلافات الطبقية والمآسي الناتجة عن