وترى أن أعمال الذين يسعون في حفظ رؤوس الأموال الإنسانية، ويعاملون المحتاجين باللطف ويقدمون لهم التوجيه اللازم، ولا يفشون أسرارهم، أفضل وأرفع من إنفاق أولئك الأنانيين ذوي النظرة الضيقة الذين إذا قدموا عونا صغيرا يتبعونه تجريح الناس المحترمين وتحطيم شخصياتهم. في الحقيقة إن أمثال هؤلاء الأشخاص ضررهم أكثر من نفعهم، فهم إذا أعطوا ثروة عرضوا ثروات للإبادة والضياع.
يتضح مما قلناه إن لتعبير قول معروف مفهوما واسعا يشمل كل أنواع القول الطيب والتسلية والتعزية والإرشاد.
وذهب بعضهم إلى أن المراد هو الأمر بالمعروف (1) ولكن هذا المعنى لا يتناسب مع الآية ظاهرا.
" المغفرة " بمعنى العفو بإزاء خشونة المحتاجين، أولئك الذين طفح كيل صبرهم بسبب تراكم الابتلاءات عليهم، فتزل ألسنتهم أحيانا بالخشن من القول مما لا يودونه قلبيا. هؤلاء بعنفهم هذا إنما يريدون أن ينتقموا من المجتمع الذي ظلمهم وغمط حقوقهم، فأقل ما يمكن للاشخاص الأثرياء في مقابل حرمان هؤلاء المحرومين هو أن يتحملوا منهم اندفاعاتهم اللفظية التي هي شرر النار التي تستعر في قلوبهم فتنطلق على ألسنتهم.
لاشك أن تحمل عنفهم وخشونتهم والعفو عنها يخفف عنهم ضغط عقدهم النفسية، وبهذا تتضح أكثر أهمية هذه الأوامر الإلهية.
يرى بعض أن " المغفرة " يقصد بها هنا المعنى الأصلي، وهو الستر والإخفاء.
أي ستر أسرار المحتاجين الذين لهم كرامتهم مثل غيرهم. غير أن هذا التفسير لا يتعارض مع ما قلناه، لأننا إذا فسرنا المغفرة بمعناها الأوسع فهي تشمل العفو كما تشمل الستر والإخفاء أيضا.
جاء في تفسير " مجمع البيان " عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " إذا سأل السائل