وفي الحقيقة أن (الحي) يشمل جميع الصفات الإلهية كالعلم والقدرة والسميع والبصير وأمثال ذلك، و (القيوم) تتحدث عن احتياج جميع المخلوقات إليه، ولذا قيل أن الاسم الأعظم الإلهي هو مجموع هاتين الصفتين.
ثم تضيف الآية لا تأخذه سنة ولا نوم.
(سنة) من مادة (وسن) وتعني كما يقول كثير من المفسرين أنها الإغفاءة والاسترخاء الذي يكون في بداية النوم، وبعبارة أخرى أنه النوم الخفيف، و (نوم) يعني الحالة التي تركد فيها بعض حواس الإنسان المهمة، وفي الواقع أن (سنة) عبارة عن النوم العارض للعين، ولكن عندما يتوغل كثيرا في الإنسان ويتعمق ويعرض على العقل فيقال له (نوم) وجملة لا تأخذه سنة ولا نوم هي في الواقع تأكيد لصفة القيوم التي يوصف بها الله، لأن القيام الكامل والمطلق بتدبير عالم الوجود يتطلب عدم إغفال ذلك حتى للحظة واحدة. أي إن الله لا يغفل طرفة عين عن حكمه المطلق على عالم الوجود وإدارته.
لذلك فكل صفة لا تتفق مع قيومية الله تنتفي من ساحة قدس الله تلقائيا، بل إن ذاته منزهة حتى عن أتفه عامل يمكن أن يؤدي إلى أي تهاون في عمله، مثل " السنة ".
أما سبب تقديم " السنة " على " النوم " في الآية مع أن القوي يذكر عادة قبل الضعيف، فيعود إلى التتالي الطبيعي في عملية النوم، إذ تنتاب المرء " السنة " أولا ثم تزداد عمقا حتى تورده في النوم العميق.
وتشير هذه الآية إلى حقيقة استمرار فيض اللطف الإلهي ودميومته وعدم انقطاعه عن وجوده لحظة واحدة، فهو ليس كعبادة الذين يغفلون عن الآخرين بسبب النوم أو أي عامل آخر.
يلاحظ أن تعبير لا تأخذه تعبير رائع يؤدي الغرض بدقة، وهو يصور