حياة الله هي مجموعة علمه وقدرته، وفي الواقع بالعلم والقدرة يمكن التمييز بين الحي وغير الحي. أما النمو والحركة والتغذية والتكاثر فهي صفات كائنات ناقصة ومحدودة، فهي تكمل نقصها بالتغذية والتكاثر والحركة، أما الذي لا نقص فيه فلا يمكن أن يتصف بمثل هذه الصفات.
" القيوم " صيغة مبالغة من القيام. لذلك فالكلمة تدل على الموجود الذي قيامه بذاته، وقيام كل الكائنات بوجوده، وبعبارة أخرى: جميع كائنات العالم تستند إليه.
بديهي أن القيام كما هو الشائع في الكلام اليومي هو الوقوف وبالهيئة المعروفة، ولكن بما أن هذا المعنى لا يتفق مع الله المنزه عن الصفات الجسمية، لذلك فالمقصود به هو القيام بالخلق والتدبير والتعهد، فإنه هو الذي خلق المخلوقات كلها وتعهد بتدبيرها وتربيتها وإدامتها، ولن يغفل عنها لحظة واحدة، فهو قائم دائما وأبدا وباستمرار دون توقف.
ويتضح من هذا أن " قيوم " هي في الواقع أساس كل صفات الفعل - وهي الصفات التي تبين علاقة الله بالموجودات مثل الخالق، الرزاق، الهادي، المحيي، وأمثالها -.
فالقيام بالخلق وتدبير أمور العالم يشمل كل هذه الأمور، فهو الذي يرزق، وهو الذي يحيي، وهو الذي يميت، وهو الذي يهدي. وعليه فإن صفات الخالق والرازق والهادي والمحيي وأمثالها تتجمع كلها في " القيوم ".
ومن هنا يتضح أن تحديد البعض لمفهوم هذه الجملة بالقيام بأمر الخلقة أو القيام بأمر الرزق وأمثال ذلك، هو في الواقع إشارة إلى أحد مصاديق القيام، في حين أنه مفهومه واسع ويشمل كل ذلك، لأن مفهومه كما قلنا يعطي معنى القائم بالذات وغيره متقوم به ومحتاج له.