تفسير كنز الدقائق - الميرزا محمد المشهدي - ج ٢ - الصفحة ٣٠
[إن الذين كفروا لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار (10) كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب (11)] وفي هذا الخبر دلالة على أن المراد بالدعاء بعدم الإزاغة، عدم الإزاغة عن الولاية.
ربنا إنك جامع الناس ليوم: لحساب يوم، أو جزائه.
لا ريب فيه: في وقوعه، ووقوع ما أخبر بوقوعه فيه.
إن الله لا يخلف الميعاد: فإن الإلهية تنافيه. وللاشعار به وتعظيم الموعود به، لون الخطاب.
قال البيضاوي: واستدل به الوعيدية، وأجيب بأن وعيد الفساق مشروط بعدم العفو، لدلائل منفصلة، كما هو مشروط بعدم التوبة وفاقا (1) (2).
ويرد على هذا الجواب: إن العفو بالتوبة موعود، بخلاف العفو بدونه، واشتراط وعيد الفساق بعدم العفو لا معنى له، إذ لا يسمى أضربك إن لم أعف وعيدا، كما يسمى أعطيك إن جئتني وعدا، فتأمل يظهر الفرق.
إن الذين كفروا: الظاهر أنه عام في الكفرة. وقيل: المراد وفد نجران أو

(١) تفسير البيضاوي: ج ١، ص 150، في تفسيره لقوله تعالى: " إن الله لا يخلف الميعاد ".
(2) احتج الجبائي بهذه الآية على القطع بوعيد الفساق، قال: وذلك لان الوعيد داخل تحت لفظ الوعد، بدليل قوله تعالى: " أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا " والوعد والموعد والميعاد واحد، وقد أخبر في هذه الآية أنه لا يخلف الميعاد فكان هذا دليلا على أنه لا يخلف في الوعيد.
قلنا: لم لا يجوز أن يكون ذلك كما في قوله: " فبشر هم بعذاب أليم " وقوله: " ذق إنك أنت العزيز الكريم " وأيضا لم لا يجوز أن يكون المراد منه أنهم كانوا يتوقعون من أوثانهم أنها تشفع لهم عند الله، فكان المراد من الوعد تلك المنافع. وذكر الواحدي في البسيط طريقة أخرى فقال: لم لا يجوز أن يحمل هذا على ميعاد الأولياء دون وعيد الأعداء، لان خلف الوعيد كرم عند العرب قال: والدليل عليه أنهم يمدحون بذلك، قال الشاعر:
إذا وعد السراء أنجز وعده * وإن أو عد الضراء فالعفو مانعه (التفسير الكبير للفخر الرازي: ج 7 ص 183 آل عمران: 9).
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»
الفهرست