بسورة ولا خطبة فدل ذلك على صدقه وذكرنا ذلك في الأصول المعنى:
وقوله: (بسورة من مثله) قال قوم: إنها بمعنى التبعيض: وتقديره: فاتوا ببعض ما هو مثل له وهو سورة وقال آخرون: هي بمعنى تبيين الصفة كقوله:
(فاجتنبوا الرجس من الأوثان) (1) وقال قوم: إن " من " زائدة كما قال في موضع آخر: " بسورة مثله " يعني مثل هذا القرآن وقال آخرون: أراد ذلك من مثله في كونه بشرا أميا طريقته مثل طريقته والأول أقوى لأنه تعالى قال في سورة أخرى: " بسورة مثله " ومعلوم أن السورة ليست محمدا " ص " ولا له بنظير ولان في هذا الوجه تضعيفا لكون القرآن معجزة ودلالة على النبوة وقوله: " وادعوا شهداءكم من دون الله " قال ابن عباس: أراد أعوانكم على ما أنتم عليه إن كنتم صادقين وقال الفراء: أراد ادعوا آلهتكم وقال مجاهد وابن جريح أراد قوما يشهدون لكم بذلك ممن يقبل قولهم وقول ابن عباس أقوى وقوله: " مثله " أراد به ما يقاربه في الفصاحة ونظمه وحسن ترصيفه وتأليفه ليعلم أنه إذا عجزوا عنه ولم يتمكنوا منه أنه من فعل الله تعالى جعله تصديقا لنبيه وليس المراد أن القرآن له مثل عند الله ولو لاه لم يصح التحدي لان ما قالوه: لا دليل عليه والاعجاز يصح وإن لم يكن له مثل أصلا بل ذلك أبلغ في الاعجاز لان ذلك جار مجرى قوله: (هاتوا برهانكم) (2) وإنما أراد نفي البرهان أصلا والدعاء أراد به الاستعانة قال الشاعر:
وقبلك رب خصم قد تمالوا * علي فما جزعت ولا دعوت وقال آخر:
فلما التقت فرسانيا ورجالهم * دعوا يالكعب واعتزينا لعامر (3)