إذا ما انتسبنا لم تلدني لئيمة * ولم تجدي من أن تقري به بدا (1) فقال: إذا ما انتسبنا. وإذا تقتضي من الفعل مستقبلا. ثم قال: لم تلدني فأخبر عن ماض، لان الولادة قد مضت لان السامع فهم معناه - والأول أقوى وقال أبو العالية: فضل الله الاسلام ورحمته القرآن.
وقوله: " فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من الخاسرين ".
لا يدل على أن الذين خسروا، لم يكن عليهم فضل الله لان فضل الله شامل لجميع الخلائق، لان ذلك دليل خطاب. وليس ذلك بصحيح عند الأكثر، والذي يكشف عن ذلك، ان الواحد منا قد يعطي أولاده وعبيده يتفضل على جميعهم ثم يبذره بعضهم ويبقى فقيرا. ويحفظه آخر فيصير غنيا، ويحسن ان يقول للغني منهم لولا فضلي عليك لكنت فقيرا. ولا يدل على أنه لا يتفضل على الذي هو فقير. وإذا كان كذلك كان تأويل الآية انه لولا اقداري لكم على الايمان وإزاحة علتكم فيه حتى فعلتم ايمانكم، لكنتم من الخاسرين. وإنما جعل الايمان فضلا فيؤتيه الذين به ينجون ولم يكونوا خاسرين من حيث كان هو الداعي إليه والمقدر عليه، والمرغب إليه.
ويحتمل أن يكون المعنى: ولولا فضل الله عليكم بامهاله إياكم بعد توليكم عن طاعته حتى تاب عليكم برجوع بعضكم عن ذلك وتوبته لكنتم من الخاسرين.
ويحتمل أن يكون أراد بهذا الفضل في وقت رفع الجبل فوقهم باللطف والتوفيق الذي تابوا عنده حتى زال عنهم العذاب وسقوط الجبل، ولولا فضل الله: لسقط الجبل قوله تعالى:
" ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين (65) آية.
المعنى:
علمتم أي عرفتم هاهنا. فقوله: علمت أخاك ولم أكن اعلمه: أي عرفته ولم