قد جمع الطعمين ويحتمل أن يكون رفعا بأنه خبر ابتداء محذوف وتقديره هو هدى لان الكلام الأول قد تم ويحتمل أن يكون رفعه على قولك ذلك الكتاب لا ريب كأنك قلت: هذا الكتاب حق لان لا شك بمعنى حق ثم قال بعد ذلك فيه هدى للمتقين وهدى يذكر في جميع اللغات وحكي عن بعض بني أسد هذه هدى حسنة تدغم النون في اللام عند الأكثر (والمتقين) مجرور باللام والمتقي هو الذي يتقي بصالح اعماله عذاب الله مأخوذ من اتقاء المكروه بما يجعله حاجزا بينه وبينه كما قال أبو حية النميري:
وألقت قناعا دونه الشمس واتقت * بأحسن موصولين كف ومعصم وقيل إن المتقين هم الذين اتقوا ما حرم عليهم وفعلوا ما وجب عليهم وقيل إن المتقين هم الذين يرجون رحمة الله ويحذرون عقابه وقيل إن المتقين هم الذين اتقوا الشرك وبرئوا من النفاق وهذا الوجه ضعيف لأنه يلزم عليه وصف الفاسق المتهتك بأنه متق إذا كان بريا من الشرك والنفاق وأصل الاتقاء الحجز بين الشيئين ومنه اتقاه بالترس لأنه جعله حاجزا بينه وبينه واتقاه بحق كذلك ومنه الوقاية لأنها تحجز بين الرأس والأذى ومن التقية في اظهار خلاف الابطان والفرق بينه وبين النفاق: ان المنافق يظهر الخير ويبطن الشر والمتقي يظهر القبيح ويبطن الحسن ويقال وقاه يقيه وقاية وتوقاه توقيا قوله تعالى الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون آية بلا خلاف الذين في موضع خفض لأنه نعت للمتقين ويجوز أن يكون رفعا على الابتداء (ويؤمنون) رفع لأنه فعل مستقبل والواو والنون في موضع رفع لأنه كناية عن الفاعل والنون الأخيرة مفتوحة لأنها نون الجمع والصلاة نصب لأنها مفعول به والايمان في اللغة هو التصديق منه قوله: وما أنت بمؤمن لنا أي بمصدق لنا وقال: (يؤمنون بالجبت والطاغوت) (1) وكذلك هو في الشرع