وقال بعضهم: يردهم يوم القيامة إلى أشد العذاب، يعني أشد من عذاب الدنيا - والأول أقوى: انه من أشد العذاب يعني أشد جنس العذاب. وذلك يقتضي العموم ولا يخص إلا بدليل.
وقوله: " وما الله بغافل عما تعملون ". منهم من قرأ بالياء، رده إلى من أخبر عنهم.
ومن قرأ بالتاء، رده إلى المواجهين بالخطاب. والياء أقوى، لقوله: " فما جزاء من يفعل ذلك ".
وقوله: " ويوم القيامة يردون " فالرد إلى هذا أقرب من قوله: " أفتؤمنون ببعض الكتاب " فاتباع الأقرب أولى من إلحاقه بالأول. والكل حسن. والمعنى وما الله بساه عن اعمالهم الخبيثة بل هو محص لها وحافظ لها حتى يجازي عليها.
فان قيل: ظاهر الآية يقتضي ان يصح الايمان ببعض الأشياء، وان كفروا بالبعض الآخر، وذلك مناف لمذهبكم في الارجاء والموافاة. لان المعنى في ذلك إظهار التصديق بالبعض، والمنع بالتصديق بالبعض الآخر. ويحتمل أن يكون المراد ان ذلك على ما يعتقدونه، لأنكم إذا اعتقدتم جميع ذلك ثم عملتم ببعضه دون بعض، فكأنكم آمنتم ببعضه دون بعض.
قوله تعالى:
" أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون " (86) آية بلا خلاف.
المعنى:
قوله: " أولئك " إشارة إلى الذين اخبر عنهم يؤمنون ببعض الكتاب، فيفادون أساراهم من اليهود، ويكفرون ببعض فيقتلون من حرم الله عليهم قتله من أهل ملتهم، ويخرجون من داره من حرم الله اخراجه. وهم الذين اشتروا رياسة الحياة الدنيا. ومعناه ابتاعوها على الضعفاء وأهل الجهل والغباء منهم. وإنما وصفهم