الغني بنفسه الذي لا يجوز أن يلحقه المنافع والمضار جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، وهذا الذي ذكره يلزم اليهود والجهال. كما حكى الله تعالى عنهم " وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا " (1). والشهادة التي كتموها قيل فيها قولان:
أحدهما - قال مجاهد والربيع وابن أبي نجيح: انهم كتموا الشهادة بأنهم كانوا على الاسلام.
والثاني - قال الحسن وقتادة وابن زيد واختاره الجبائي: انهم كتموا الشهادة بالبشارة التي عندهم بالنبي صلى الله عليه وآله. فان قيل إذا كان الذي كتموه امر محمد صلى الله عليه وآله فكيف يتصل بما قبله: قيل قال الحسن: كتموا محمدا صلى الله عليه وآله ودينه لان في دينه ان إبراهيم كان مسلما ولم يك من المشركين. والاحتجاج عليهم: " أأنتم أعلم أم الله " على وجه الالزام لهم بالجهالة كأنه قيل: إذا زعمتم أن هؤلاء كانوا يهودا أو نصارى، وقد اخبر الله بخلاف ذلك عنهم فقد لزمكم أن تكونوا أعلم من الله تعالى، وهذا غاية الخزي لمن بلغه.
وقوله تعالى: " وما الله بغافل عما تعملون " فالغفلة والسهو والسنة نظائر ومعنى الآية يحتمل أمرين:
أحدهما - ليس الله بساه عن كتمان الشهادة التي لزمكم القيام بها لله تعالى.
الثاني - أن يكون على عمومه والمعنى: أنه لا يخفى عليه شئ من المعلومات لا صغيرها، ولا كبيرها فكونوا على حذر من الجزاء على السيئات بما تستحقونه من العقاب، وكتم وأخفى واسر معناها واحد والبينة والحجة واحد.
قوله تعالى:
تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون (141) آية بلا خلاف.