بخصومة بينه وبين غيره إلى بعض القضاة، فيكون دخوله خائفا من الاخراج على وجة الطرد بعد انفصال خصومته، ولا يقعد مطمئنا كما كان يقعد المسلم. وهو الذي يليق بمذهبنا، ويمكن الاستدلال به على أن الكفار لا يجوز أن يمكنوا من دخول المساجد على كل حال. فأما المسجد الحرام خاصة، فان المشركين يمنعون من دخوله، ولا يتركون ليدخلوه لحكومة، ولا غيرها، لان الله تعالى قد امر بمنعهم من دخوله بقوله: " ما كان للمشركين ان يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر " (1) يعني المسجد الحرام. وقال الزجاج: أعلم الله ان أمر المسلمين يظهر على جميع من خالفهم حتى لا يمكن دخول مخالف إلى مساجدهم إلا خائفا. وهو كقوله:
" ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون " (2) كأنه قيل: أولئك ما كان لهم ان يدخلوها إلا خائفين، لاعزاز الله الدين واظهاره المسلمين.
قوله تعالى:
لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم (115) - آية. - المعنى:
قال قتادة: معناه انهم " يعطون الجزية عن يد وهم وهم صاغرون ". وقال السدي:
خزيهم في الدنيا انهم إذا قام المهدي، وفتحت قسطنطينية قتلهم، فلذلك خزيهم في الدنيا ان يقتلوا ان كانوا حربا، ويؤدون الجزية ان كانوا ذمة. وقال الجبائي:
الخزي لهؤلاء الكفار الذين امر بمنعهم من دخول المساجد على سبيل ما يدخلها المؤمنون. وقوله: " ولهم في الآخرة عذاب عظيم " قال الفراء: يقول فيما وعد الله المسلمين من فتح الروم وان لم يكن بعد - والناس على خلافه، في أن معنى الآخرة