قوله تعالى: " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون " (134) - آية واحدة بلا خلاف - (أم) هاهنا منقطعة وليست بمتصلة كقوله " ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه " (1) ومثله قول الشاعر (2):
كذبتك عينك أم رأيت بواسط * غلس الظلام من الرباب خيالا (3) ولا تجئ منقطعة الألف وقد تقدمها كلام، لأنها بمعنى بل، وألف الاستفهام. كأنه قيل: بل كنتم شهداء، ومعناها - هنا - الجحد: اي ما كنتم شهداء. واللفظ لفظ الاستفهام. والمعنى على خلافه، لان إخراجه مخرج الاستفهام أبلغ في الكلام، وأشد مظاهرة في الحجاج: أن يخرج الكلام مخرج التقرير بالحق فتلزم الحجة، والانكار له فتظهر الفضيحة، فلذلك اخرج الجحد (4) في الاخبار مخرج الاستفهام.
والمخاطب ب " أم كنتم شهداء " أهل الكتاب في قول الربيع. والمعنى:
انكم لم تحضروا ذلك، فلا تدعوا على أنبيائي ورسلي الأباطيل بنحلكم إياهم خلاف الاسلام من اليهودية والنصرانية، فايى ما بعثهم إلا بالحنفية. والشهداء جمع شهيد.
و (إذ) هاهنا بدل من (إذ) الأولى، والعامل فيها معنى الشهادة. وقيل بل العامل فيها حضر، وكلاهما حسن.
اللغة:
والحاضر والشاهد من النظائر. ونقيض الحاضر الغائب. ويقال: حضر