من غدير، قلت استصفيت صفوة. وصفي الانسان: الذي يصافيه المودة. وناقة صفي كثيرة اللبن. ونخلة صفية: كثيرة الحمل. والجمع الصفايا والصفا: الحجر الضخم الأملس الصلب. فإذا انثوا (1) الصخرة قالوا صفاة صفواء. وإذا ذكروا قالوا صفا صفوان والصفوان واحدته صفوانة. ومن الحجارة: الملس لا تنبت شيئا. قال تعالى: " كمثل صفوان عليه تراب " (2). واصل الباب: الصفا: الخلوص.
قوله: " وانه في الآخرة لمن الصالحين " إنما خص الآخرة بالذكر وإن كان في الدنيا كذلك لان المعنى من الذين يستوجبون على الله الكرامة وحسن الثواب، فلما كان خلوص الثواب في الآخرة دون الدنيا، وصفه بما ينبئ عن ذلك. ففي قوله: " ومن يرغب عن ملة إبراهيم الا من سفه نفسه " دلالة على أن ملة إبراهيم هي ملة نبينا محمد " ص "، لان ملة إبراهيم داخلة في ملة محمد " ص " مع زيادات في ملة محمد " ص " فبين أن الذين يرغبون من الكفار عن ملة محمد التي هي ملة إبراهيم، قد سفهوا أنفسهم وهو معنى قول قتادة والربيع.
قوله تعالى:
" إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين (132) آية بلا خلاف.
قوله: " إذ قال له ربه " متعلق بقوله: " ولقد اصطفيناه " وموضعه نصب وتقديره: ولقد اصطفيناه حين قال له ربه أسلم. وقال الحسن: إنما قال ذلك، حين أفلت الشمس، " فقال يا قوم إني برئ مما تشركون. اني وجهت وجهي " (3) وانه أسلم حينئذ. وهذا يدل على أنه كان ذلك قبل النبوة. وأنه قال له ذلك: إلها ما استدعاه به إلى الاسلام، فاسلم حينئذ. لما وضح له طريق الاستدلال بما رأى من الآيات، والعبر الدالة على توحيده. ولا يصح أن يوحي الله تعالى إليه قبل اسلامه بأنه نبي الله، لان النبوة حال اعظام واجلال. ولا يكون ذلك قبل الاسلام. وإنما