بالمثل فعلم بذلك أنه أراد أنه ليس عليهم وجعله حيرة لهم قلنا أول ما في ذلك انا لا نطلق أن الله لا يضل أحدا ولا يهدي أحدا ومن أطلق ذلك، فقد أخطأ ولا نقول أيضا إن العباد يضلون أنفسهم ويهدونها مطلقا أو يضلون غيرهم ويهدونه فان إطلاق جميع ذلك خطأ، بل نقول: إن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء ونقول: إن من أضله الله فهو الضال ومن هداه فهو المهتدي، ولكن لا نريد بذلك ما يريده المخالف مما يؤدي إلي التظليم والتجويز لله في حكمه والمخالف يقول: إن الله يضل كثيرا من خلقه بمعنى انه يصدهم عن طاعته، ويحول بينهم وبين معرفته، ويلبس عليهم الأمور ويحيرهم ويغالطهم، يشككهم ويوقفهم في الضلالة، ويجبرهم عليها ومنهم من يقول: يخلقها فيهم، ويخلق فيهم قدرة موجبة له، ويمنعهم الامر الذي به يخرجون منها، فيصفون الله تعالى بأقبح الصفات وأخسها وقالوا فيه بشر الأقوال وقلنا نحن: إن الله قد هدى قوما وأضل آخرين، وأنه يضل من يشاء غير أن لفضله وكرمه، وعدله ورحمته لا يشاء أن يضل إلا من ضل وكفر وترك طريق الهدى وإنه لا يشاء ان يضل المهتدين والمتمسكين بطاعته، بل شاء أن يهديهم ويزيدهم هدى، فإنه يهدي المؤمنين بان يخرجهم من الظلمات إلى النور كما قال تعالى: (والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم) (1) وقال: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه) (2) وقال:
(الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) (3) وقال (يضل به كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون) (4) وقال: (ويضل الله الظالمين) (5) والاضلال على وجوه كثيرة منها:
ما نسبه الله تعالى إلى الشيطان: وهو الصد عن الخير والرشد والدعاء إلى