بالبضعة التي بين الكتفين. وقال مجاهد، وعكرمة، وقتادة: ضرب بفخذ البقرة.
والهاء في قوله فاضربوه كناية عن القتيل والهاء في قوله: ببعضها كناية عن البقرة.
وهذه الأقاويل كلها محتملة الظاهر. والمعلوم ان الله تعالى امر ان يضرب القتيل ببعض البقرة. ولا يضر الجهل بذلك البعض بعينه، وإنما أمرهم بذلك لأنهم إذا فعلوه أحيي الميت. فيقول فلان قتلني: فيزول الخلف، والتداري بين القوم. والقديم تعالى، وإن كان قادرا على الاخبار بذلك فان هذا اظهر. والاخبار به أعجب لأنه معجز خارق للعادة.
والتقدير في الآية فقلنا اضربوه ببعضها فضربوه فحيي كما قال: " اضرب بعصاك الحجر فانفلق " تقديره فضرب، فانفلق. وكذلك قوله: " يحيي الموتى " فيه اضمار كأنه قال: فقلنا اضربوه ببعضها فحيي كذلك يحيي الله الموتى. اي اعلموا ان ما عاينتموه ان الله قادر على أن يحيي الموتى للجزاء، والحساب الذي أوعدكم به.
ولما ضربوه ببعض البقرة، أحياه الله تعالى، فقال: قتلني ابن أخي ثم قبض. وكان اسمه عاميل. فقال بنو أخيه والله ما قتلناه وكذبوا الحق بعد معاينته. وإنما جعل سبب احيائه الضرب بموات لا حياة فيه، لئلا يلتبس على ذي شبهة ان الحياة انتقلت إليه مما ضرب به لتزول الشبهة، وتتأكد الحجة.
وقوله: " كذلك يحيي الله الموتى " يحتمل أن يكون حكاية عن قول موسى لقومه. ويحتمل أن يكون خطابا من الله تعالى لمشركي قريش.
وقوله: " لعلكم تعقلون " اي لتعقلوا. وقد كانوا عقالا قبل ذلك، لان من لا عقل له، لا تلزمه الحجة، لكنه أراد تنبيههم، وان يقبلوا ما يدعون إليه، ويطيعوه ويعرفوه حق معرفته.
قوله تعالى:
" ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها