بسائر الآية اسلافهم، كأنه ذهب إلى أن معنى الكلام: ثم توليتم إلا قليلا منكم ثم تولى سلفكم إلا قليلا منهم، ثم قال: وأنتم معاشر بقاياهم معرضون أيضا عن الميثاق الذي اخذ عليكم. وقال قوم: يلي قوله: (ثم توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون) خطاب لمن كان بين ظهراني مهاجري رسول الله " ص " من يهود بني إسرائيل ، وذم لهم بنقضهم الميثاق، الذي اخذ عليهم في التوراة، وتبديلهم امر الله وركوبهم معاصيه.
وروي عن ابن عباس أنه قال: قوله " وقولوا للناس حسنا " نسخ بقوله:
قاتلوهم حتى يقولوا لا إله إلا الله أو يقروا بالجزية. وقال آخرون: ليست منسوخة لكن أمروا بأن يقولوا حسنا في الاحتجاج عليهم، إذا دعوا إلى الايمان، وبين ذلك لهم. وقال قتادة نسختها آية السيف. الصحيح انها ليست منسوخة، وإنما امر، الله تعال بالقول الحسن في الدعاء إليه والاحتجاج عليه، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " (1) وبين في آية أخرى، فقال: " ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم (2) وليس الامر بالقتال ناسخا لذلك، لان كل واحد منهما ثابت في موضعه قوله تعالى:
" وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون " (84) آية بلا خلاف المعنى:
قد بينا فيما مضى أن الميثاق هو العهد. والمعنى في الآية: واذكروا إذ أخذنا ميثاق اسلافكم الذين كانوا في زمن موسى، والأنبياء الماضين (ع)، وإنما أضاف إليهم لما كانوا أخلافا (3) لهم على ما مضى القول فيه. وتقدير الاعراب في هذه