إليه موسى (ع) من توحيد الله عز وجل، ولو كانوا عارفين، لكان دعاهم إليه العناد لموسى ومعلوم انهم لم يكونوا معاندين له (ع). وفي الناس من قال: إن قولهم: جهرة من صفه السؤال على التقديم والتأخير كأنه قال: وإذا قلتم جهرة لن نؤمن لك حتى نرى الله. وقال الا كثر إنها من صفة الرؤية. وهو الأقوى، لان ما قالوه ترك الظاهر، وتقدير التقديم والتأخير ليس هنا إلى ذلك حاجة.
وقوله: " وأنتم تنظرون " يعني ما نزل بكم من الصاعقة والموت.
قوله تعالى:
" ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون " - (56) آية بلا خلاف.
قوله: " بعثناكم " أحييناكم. عند أكثر المفسرين: كالحسن، وقتادة، وغيرهما.
وقال السدي: بعثناكم أنبياء. والأول أصح لأنه ظاهر الكلام. فلا يجوز العدول عنه وأصل البعث: إثارة الشئ من محله، ومنه قيل: بعث فلان راحلته: إذا اثارها من مبركها للسير. ومنه قولهم بعثت فلانا لحاجتي: إذا أقمته من مكانه الذي هو فيه للتوجه فيها. ومن ذلك قيل: ليوم القيامة يوم البعث لأنه يوم تثار فيه الناس من قبورهم لموقف الحساب.
اللغة:
والبعث والارسال وكل الاطلاق نظائر. يقال: بعثت بعثا. وانبعثت انبعاثا.
وتبعثت تبعثة. وبعثته من نومه فانبعث. اي نبهته فانتبه. وتقول: ضرب البعث على الجند. إذا بعثوا إلى العدو. وكل قوم يبعثون إلى وجه أو في امر فهم بعث.
وأصل الباب: البعث وهو الارسال. وكل باعث فاعل. واما المبعوث فقد يكون فاعلا، وقد لا يكون. يقال: بعث الله عليهم ريحا فاقتلعتهم والريح مبعوثة. ويقال:
الشهوة للشئ تبعث على الطلب له. فان قيل: هل يجوز ان يرد الله أحدا إلى التكليف بعد ان مات، وعاين ما يضطره إلى معرفته بالله؟ قيل: في ذلك خلاف قال أبو علي:
لا يجوز ذلك إلا على من لم يضطره الله إلى معرفته وقال بعضهم: يجوز التكليف في