على وجه التخصيص، لان من لا يؤمن بالبعث، والنشور، يكون حرصه على البقاء في الدنيا أكثر ممن يعتقد الثواب، والعقاب. فان قيل: أليس نجد كثيرا من المسلمين يحرصون على الحياة، ويكرهون الموت؟ فكيف تدل هذه الآية على أن اليهود لم يكونوا على ثقة مما كانوا يدعونه من أنهم أولى به من المسلمين - مع أن المسلمين يشاركونهم في الحرص على الحياة - وهم على يقين من الآخرة، وما فيها من الثواب، والعقاب؟ قيل: ان المسلمين لا يدعون أن الدار الآخرة لهم خالصة، ولا انهم أحباء الله، ولا انهم من أهل الجنة قطعا، كما كانت اليهود تدعي ذلك، بل هم مشفقون من ذنوبهم، يخافون أن يعذبوا عليها في النار، فلهذا يشفقون من الموت، ويحبون الحياة، ليتوبوا من ذنوبهم التي يخافون ان يعذبوا عليها في النار، فلهذا يشفقون من الموت ويحبون الحياة ليتوبوا من ذنوبهم، ويصلحوا اعمالهم. ومن كان على يقين مما يصير إليه، لم يؤثر الحياة على الموت. كما روي عن علي (ع) أنه قال:
لا أبالي سقط الموت علي أو سقطت على الموت، وقال: اللهم سئمتهم، وسئموني:
فأبدلني بهم خيرا منهم، وأبدلهم بي شرا مني. وقوله: اللهم عجل إلي الراحة، وعجل لهم الشقوة. وكما روي عن عمار (ره) أنه قال يوم صفين: القى الا حبة: محمدا وصحبه. وكما قال حذيفة عند الموت: حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم.
قوله تعالى:
" قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين " (97) آية واحدة بلا خلاف القراءة:
قرأ ابن كثير: (جبريل) بفتح الجيم وكسر الراء وبعدها ياء ساكنة من غير همزة مكسورة. وقرأ حمزة والكسائي وخلف وأبو بكر إلا يحيى: بفتح الجيم والراء بعدها همزة مكسورة بعدها ياء ساكنة على وزن (جبرعيل).