من العناء لا وجه للتشاغل به. وقوله هاهنا: " فانفجرت " لا ينافي قوله في الأعراف: " فانبجست " لان الانبجاس: هو الانفجار إلا أنه قليل وقيل: إنه لا يمتنع أن يكون أوله ما ينبجس، كان قليلا، ثم صار كثيرا، حتى صار انفجارا وقوله: " كلوا واشربوا من رزق الله " يعني من النعم التي عددها عليهم من المن والسلوى وغير ذلك وقوله: " ولا تعثوا في الأرض مفسدين " أي لا تطغوا ولا تسعوا في الأرض فسادا. واصل العثا: شدة الفساد. يقال منه: عثا فلان في الأرض إلى عاثية يعثأ. والجماعة يعثون. وفيه لغتان أخريتان:
أحدهما - يعثو عثوا. ومن قرأ بهذه اللغة ينبغي أن يضم الثاء، ولم يقرأ به أحد، واللغة الأولى: لغة أهل الحجاز. وقال بنو تميم: عاث يعيث عيثا وعيوثا وعيثانا. بمعنى واحد قال رؤبة بن العجاج:
وعاث فينا مستحل عائث * مصدق أو تاجر مقاعث (1) يعني بقوله: عاث فينا: افسد فينا. وقيل: يعثو أصله العيث. فقدموا بعض الحروف، وأخروا بعضها. يقال: عثا يعثو. وعاث يعيث وهو الفساد. قال ابن اذينة الثقفي:
وإنما قال: " لا تعثوا في الأرض مفسدين " وإن كان العيث لا يكون إلا فسادا، لأنه يجوز أن يكون فعلا ظاهره الفساد، وباطنه المصلحة: كخرق موسى السفينة، فبين ذلك العيث الذي هو الفساد ظاهرا وباطنا.
قوله تعالى:
" وإذ قلتم: يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها