" ما " كلمة تجمع كل الأشياء، ثم تخص بعض ما عمته، فإنها تذكر بعدها. وفي الناس من قال: " فقليلا ما يؤمنون "، لأنه كان معهم بعض الايمان من التصديق بالله وبصفاته، وغير ذلك مما كان فرضا عليهم، وذلك هو القليل بالإضافة إلى ما جحدوا به من التصديق بالنبي " ص " وما جاء به. والذي يليق بمذهبنا ان نقول:
إنه لم يكن معهم ايمان أصلا، وإنما قال: " فقليلا ما يؤمنوا " كما يقول القائل:
قل ما رأيت هذا قط. وروي عنهم سماعا: - أعني العرب - مررت ببلد قل ما ينبت إلا الكراث والبصل. يريدون ما ينبت إلا الكراث والبصل.
قوله تعالى:
" ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفورا به فلعنة الله على الكافرين ". (89) آية بلا خلاف.
المعنى:
التقدير: ولما جاء اليهود من بني إسرائيل الذين وصفهم الله، كتاب من عند الله يعني به القرآن الذي أنزله على محمد " ص " واشتقاق الكتاب من الكتب، وهو جمع كتبة وهي الخرزة. وكلما ضممت بعضه إلى بعض، فقد كتبته. والكتيبة من الجيش من هذا الانضمام بعضها إلى بعض.
وقوله: " مصدق لما معهم " من الكتب التي أنزلها الله قبل القرآن من التوراة والإنجيل وغيرهما. " ومعنى مصدق لما معهم " لما في التوراة والإنجيل، والاخبار التي فيها. ويحتمل أن يكون المراد: مصدق بان التوراة والإنجيل من عند الله.
ومصدق رفع، لأنه نعت الكتاب. ولو نصب على الحال، لكان جائزا، لكن لم يقرأ به.
وقوله: " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ". قال أبو عبيدة معناه يستنصرون. قال ابن عباس: إن اليهود كانوا يستنصرون على الأوس الخزرج