وقوله: " حتى يأتي الله بأمره " قال أبو علي: " بأمره " لكم يعاقبهم أو يعافيهم هو على ذلك، ثم اتى بأمره فقال: " قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله " (1) وقوله: " ان الله على كل شئ قدير " قيل فيه ثلاثة أقوال:
قال أبو علي: انه قدير على عقابهم إذ هو " على كل شئ قدير ".
وقال الزجاج: قدير على أن يدعو إلى دينه بما أحب مما هو الأليق بانجائكم اي فيأمر بالصفح تارة وبالعقاب أخرى على حسب المصلحة.
والثالث - انه لما امر بالامهال، والتأخير في قوله: " فاعفوا واصفحوا " كأن فيه تعلق النفس بالعافية في ذلك، فقال امهلوهم فإنهم لا يعجزون الله، ولا يفوتونه، إذ هو " على كل شئ قدير ".
وإنما أمرهم بالصفح، والعفو وان كانوا مضطهدين مقهورين مقموعين، من حيث إن كثيرا من المسلمين كانوا عزيزين في عشائرهم، وأقوامهم يقدرون على الانتصار والانتقام من الكفار، فامرهم الله تعالى بان يعفوا وإن قدروا حتى يأتي الله بأمره.
قوله تعالى:
" وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير " (110) آية واحدة بلا خلاف.
ان قيل ما المقتضي لذكر الصلاة والزكاة هاهنا، قلنا: انه تعالى لما اخبرهم بشدة عداوة اليهود لهم وأمرهم بالصفح عنهم قال: " أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة " فان في ذلك معونة على الصبر مع ما تجزون بهما من الثواب والاجر، كما قال في موضع آخر: " واستعينوا بالصبر والصلاة ".
وقوله: " وما تقدموا " معنى (ما) الجزاء وجوابه " تجدوه ". ومثله " ما